Rainbow Text - http://www.myrainbowtext.com


أجراس خالد الصاوى الفنان الشاعر : دراسة نقدية بقلم الشاعرة إيمان يوسف


أجراس خالد الصاوى الفنان الشاعر

أشعاره حوارات متدفقة تزداد إشتعالا عندما تتحول داخلك الي نبضات تسمعها بقلبك قصائد تهوي التجديف في بحور الروح و الفكر و الجدل.  يلجأ الي اﻹستعارة و التشبيه أحيانا كأداة ﻹصطياد العواطف و إقناع القصيدة بإحتواء الموقف الحسي و الشعري و ترجمته بحنكة و إدراك .
قصائده بعض من مشاعر الغضب و اﻹحتجاج و الثورة لهذا العالم الشاحب و بحره الجسور الذي لا يطاوع الباخرة للوصول إلي الشاطئ . أنها أشجار تسافر في الوجدان ثمارها وصل ووجد و إبداع. خالد الصاوي أو خالد الأوصاف شاعر يناضل من أجل إثبات حقه و طرح وجهة نظره و ثقافته و تنوعه و صياغته التي تبهر المتلقي لأنه هو و نفسه متحدان و لذلك يهتم بتنمية قدراته و مهاراته و صموده و صبره و لديه الوعي المزدوج لمصطلح البقاء و الحياة " أكون أو لا أكون " خالد له نظرية خاصة تفاعلية حينا و فوضوية حينا تتأرجح و تتضامن مع الكلمة و المعرفة و اﻹحساس و المشاعر و الظلم و تصنع عالم خاص به لأنه يحمل روحه و نبضه بين القصائد يتمحور بين إقناع الآخر أو الذات ضد الآخر و الصراعات و النزاعات تتداوي بين عالم الشعر و الموسيقي و التمثيل .تقول شاعرنا خالد الصاوى.

ليست الحياة سهلة مطلقا"
و ليس شيئا في الحياة مثلها
لا نستطيع أبدا" أن نشرح جوهرها المكنون
و لا أن نفلسف مهما سعينا عقلها المجنون
غريبة هي الحياة ..
أغرب من كل شئ فيها
رهيبة .. جامدة .. جاحدة
حقودة .. زائفة .. معربدة
تعشق المستهين بها .. تستهين بالعاشقين
لا تعرف الرحمة , لا تتكلم لغة القلب
تكره الضعفاء , تحتقر الأطفال الفقراء

شاعرنا خالد الصاوي يكتب ما يود أن يحياه ولا يستطيع و لكنه قدير في إدارة الوقت و الجهد و تصويب الهدف يشكر السنوات الغابرة و يشكر محنته و إبتلااءاته و حرمانه . يبحث عن نفسه في كل الطرقات . و الفلسفات و المنطق حتى ينتصر علي قبح الحياة يشكر حتى العمر الشجاع والقمر الذى أضاء له الطرقات والصفصاف والنيل العظيم حتى الحوائط وفقر العيش ويشكر أرادته على التحمل  . تقول القصيدة
أشكر السنوات الغابرة
حينما كنت فقيرا" .. ضائعا" .. مهدرا"
أشكر نفسي .. لأنني قبضت طويلا"علي جمرتي
لأني نطحت الحوائط دون كلل
أشكر حتي حافة اليأس و إكتئاب التدني
أشكر الحياة التي عشتها . و الحياة التي لم أعش
أشكر عمري الذي خضته بشجاعة
أشكر عمري الذي لم يكن لي وحدي
تقاسمته مع كل البشر
و مع النيل و الصفصاف و القمر
و مع الغسيل المنشور في نوافذ الفقراء
أشكر طيشي كثيرا" .. لأنه أتحفني بالحياة
يرشق بسهمه الزيف و الكذب لأنه إستطاع أحتفظة بصدقه لأن الحق لا يضاد الحق . و لابد من التغلب علي الوهميات التي تعرقل الحدث العقلي . قصائده غطرسة الصمت القاسي و إنفراجة الصراع علي الورقة البيضاء لعلها تداوي نزف البكاء. إنه المذهب اﻹعتقادي للتواصل و مصدرا"  هاما"   للعقل قبل العاطفة انه يتقوقع فى قفص اللحظة بكتاباته الحزينه فى ندهة البعاد تحيطه الثلوج وردود أفعال الألم فيتجمد دمه ويعلن تحطيمه على عتبات الجمود والتوقف وفراق الدفقات الدافئة والحب الذى يطلق العنان فى شرايين القصيدة ويشدو كطير يرمح فى حرية الحياه يستدعى سحر الكلمات والنبضات وزغاريد الكون حتى يتغير عالم القصيدة وتفتح أبواب الشروق .
هل تعرفين أكثر الأشياء كرها" لي ؟
أتصدقين انها الكتابة الحزينة ؟!!!!
يؤلمني أكثر من جراحي كثيرا" ...
حاجتي الحقيرة أن أكتب عنها
هل تعلمين ما يحطمني بحق ؟
أني أكتب مثل من أكره من الشعراء !
أن يكون الشعر بئرا للوحدة الباردة ..
أن تكون الكلمات معادة , جامدة ..
أن يكون الجوف قبرا" و العيون شواهد ..
ماذا يبقي من سحر الكلمات إذن ؟
إذا أصبح الشعر كله نواحا" موحدا" ؟
إن استحال حفله حدادا" و اصبحت أبواب رحمته جميعها موصدة ؟؟

ويبحث فى غضبه المخنوق وينقب عن ايقاعات أخرى للكلمة وفرصة لرحلة أستشفاء من الحالى انه انزعاج تلقائى وملل من التكرارية الغاضبة التى ترفض التصديق وتغرق فى صمت شارد سابحة فى دهشة البحث عن الجديد والمتفرد فى الشكل واللون والمعنى .شىء بكر ونحو مسحور له هو على اسمه وفعله وعالمه .يقول
أبحث عن موسيقي أخري ..
لا يعرفها ديوان العربية
موسيقي أخري تمنحني بعض الحرية
أبحث عن نحو آخر لم تذكره ألفية مالك
أبحث عن شئ بكر فيه طزاجة رائحة الصحراء
عبق الماضي في إمرؤ القيس و خليلاته
ﻹنه يمتلك الحكم النقدي علي التجارب و يقيمها تقييما" صحيحا" و يحاول جاهدا" إستطاعة اﻹدراك و الوعي و الفهم و لهذا يصاب أحيانا بدرجة من التوتر ﻹحساسه باﻹختلاف عن الحول . يراوده الفقد أينما كان ويقلقه الرحيل  فيتمعن فى أيدلوجية الحياه ويكتب للرحيل فلسفة الوجود وأجراس الحقيقة. تقول  القصيدة
يرحلون جميعا" ..
منصور .. عمر .. مجدي .. مصطفي و هشام
يرحلون تباعا
في منتصف الثلاثين
يرحلون جميعا" في منتصف الطريق
نفس الأعراض , نفس الألم
و كلهم قبل الرحيل قالوا " نريد اللقاء قريبا" "
جميعهم كانوا يدخنون و يحتسون بعض الشراب
يعشقون الفن و القفشة الذكية
و كلهم قبلها بليلة واحدة
كانوا يخططون للسنة القادمة
إن الحياة لديه مؤامرة بعيدة الأهداف تتأرجح بين الموافقة و المخالفة أو التأييد و المعارضة . إنه إشتعال الفكر الذي يطفئه الشعر و الكتابة للحصول علي الهدف و النشوي  و الطريق . إنه يحب الحياه ويستطيع أن يربط بين الموضوعات و المضامين و يواري إختلافه بين سطوره حتي يثبت صحة مقصده رغم الصراخ ومرار المفارقات وقسوة عدم التقدير وحفظ الجميل فشاعرنا يحبها مثلنا. و يقول لها .
أحب هذه الحياة ,
رغم وجهها القبيح
 و رغم أنها تخون
ورغم أنها مريضة و شاذة
سافلة تعاير الفقراء
و تنافق الغني و القوي و الجميلة
و ر غم أنها لا تحفظ الجميلا
و تصلب المسيح و الثوار
و رغم أنها تعذب الجريح
و تستريح في البغاء و القمار
أحبها
لأنني مثلها
لا أعزف مقطوعة أحلي
من صراخاتنا الملكومة الرنانة
لا أعرف لغة منجزة في البلاغة
الا لغة الأحلام الدموية
لأنه يعشق قيوده و إنفلاته هو حلمه و لكنهما تكوينه . القيد و اﻹنفلات و الحلم . إنه في سجن الحياة مقيدا" . يقهر السجن بالشعر و التمثيل و الثقة و شجاعة الخوض يسبح فى المستحيل واﻹستغناء حتى يتذكرة الزمن .
تقاسمت عمري راضيا" مرضيا
ربيتني في مدرسة اﻹستغناء
أطلقت عفاريت الكلمات و أشعلت سنيني
إتكأت علي عصا الصيد و الرعي و النبوة و الصعلكة
حيث لا أصبح بعدها نسيا" منسيا
إن شاعرنا لديه تعطش إلي درك حقائق الأمور إنه يتجرد من غشاوة الوهم و الخيال لا ينكسر عند العقائد الموروثة لكنه يلجأ إلي طريق اﻹستقلال العقلي سلوكا" لا رجعة فيه يعقد العزم و يبحث عن الحقيقة و يخوض غمارها بجسارة يندهش و يتحسس بحرص الناضج ثم يقتحم إتجاهه و يتشبث بالجرأة و التمرد علي التقليد و التلقين إنه متطلع دائما" ساعيا" لتحقيق ذاته بذاته و جهده دون وساطة و بشخصيته الفذة ليحقق وجوده اﻹنساني الذي يليق به و بفلسفة ليصبح السراج يعطي الشمس .
لا أريد أن أرفع السماعة
كي لأتسول فرصتي في الحياة
أتملق صاحب العمل سائلا في خنوثة و مهانة :
" ألا تريدني أن أكون معك ؟"
لا أريد أن أطرق الأبواب ثانية
ﻹنتظر كثيرا" خارج مكتب المدير
لا أريد نظرات التشفي من السكرتيرة السافلة
ولا السؤال الحقير الغامض :
" من تكون ؟"
لا أريد أن أحبك بيني و بيني
و أن أتصنع الصدفة كي ألقاك
لا أريد مواعيد مضروبة ثانية
ولا أن تحدثيني كثيرا عما أخرني في هذه الحياة
أخرني كثيرا" يا صغيرتي ..
أنني لم أرفع السماعة
كيف يموت الرجل العادى .فلسفة الموت تجعل الشاعر يستعرض الفروق بين  الرجل العادى والفنان.فيقول الرجل العادى يتفاعل مع بكاءة وديونه وقلة حيلته فيموت ويترك للأبناءه الديون وله الحلم الذى عاشه أنه أنجب أبناء ولكن دون وعى لمستقبلهم وعناءهم لكى يعيشوا ميسورين الحال دون هموم وغيوم وقلق .فلهم الصراع مع البقاء وله الموت  .تقول القصيدة
كيف يموت الرجل العادي ؟
يموت الرجل العادي بالأقساط و القلق
يورث أبناءه الديون و المذلة
ـبناءه الذين لم يفعل شيئا مطلقا" الا لهم ..
لم يفعل شيئا" مطلقا لهم !
ما الذي كان يفعل يا تري
غير أن ينجب الأبناء
و يحلم بهم ؟!
كيف يموت الفنان. يصف الشاعر الفنان ولغز الحياه والموت وفلسفة الوجود والمعاناه داخل بوتقة الصورة الوصفية الواقعية للحقيقة وياله من يغفل عنها وتبهره الكاميرا بصورة ذائفة انها الحياه ياصديقى يوما لك ويوما عليك فلا تغرنك الأمانى وأصابع البريق الساحر والشهرة .تقول القصيدة  
كيف يموت الفنان؟
يموت الفنان شريدا" في الظل
يأفل النجم و ينتحر البريق
يجهله الجمهور و لا يشتريه أحد
يموت الفنان تاركا" أصابعه الساحرة
وحدها خالدة
تشرح القصيدةالمعاناه مع الحياه وأحتمالات معلقة على ممكن أولايمكن أو البين بين .أحلام مؤجلة وتيار الوعى يتأرجح فى الضيق مع النداءات والأستفسارات للمزيدمن توضيح معالم الرؤية للأحتمالات تسأل فيها الخطوات الشوارع ومن الممكن أن يجد نفسه فى الأجابةيرتمى فى أحضان المغامرة و الركوع للحياه التى لاتمنح الانسان مايتمناه .لاأموال ولاأصدقاء ولاوطن يستكين فيه الحائر والمسلوب الأرادة تعب كلها الحياة والبشر ألعابها .تقول القصيدة
كأنني إجابة بلا سؤال
نشرة مجانية في العيد
رذاذ طيره البحر علي نوافذ المدينة
أو ثمرة عاطبة يشوطها الأولاد هكذا ..
هكذا أنا أعيش مدينا لهذه الحياة
أوراقي شيكات بلا رصيد
كأن لي سقفا" .. و حائطين من يمين و يسار
 و طريقا" واحدا" تضيق باستمرار
هكذا !
عبء علي الحياة .. مضاف اليها
معلق علي إحتمال
إذن هكذا ..
حياتي كلها أعطيتها
و ظهرها أعطتني الحياة هكذا
هكذا ؟!
الأسئلة كانت بداية علاقته بالكتابة في سن الحادية عشر أستولد الحزن من باطنه انها فلسفة السرد المبكر وأستعمار الكلمات لصفحات البداية لتكون النور والمبتدأ أنها طفولة مازالت تحتاج للتجربة والعمق والسباحة فى تيار الوعى للتوصل الى ادراك ابعاد المستقبل المجهول. يقول شاعرنا
في الحادية عشر من عمري
خططت أول بيتين
فخططت مستقبلي الغامض .. في غمضة عين !
إستمعت لحظتها لنداء مخيف
إستولدت الحزن من باطني
و تعقبتني لعنة الكلمات
يقطع مسافة العناد بالقتحام ويرشق صوته ولغته بما يريد أن يثبتهللمتلقى والتجسيد الجيد من معابر وجسور الوصل والتشابك والهيمنة حتى أن القارىء يقف عند حروفه ليشاركه البكاء وحلقات النواح والأنتظار التى تحاصره بضراوتها وتلتصق بمشواره رغم اللهاث بالخطوات وأرتطام الأقدام بالأرض للبحث عن الأستقرار والثبات والأرادة القوية التى تعلو به الى الشمس ليستحضر بعض من دفئها ويعاود الكره ألف مرة . والنجاح هو الذى يحفزه ويدفعه لهذا الجهاد فيواصل ويواصل وتقول القصيدة .
ليت ذاك العالم السحري لم ينفتح
ليته .. ظل مغلقا" دوني
من الواضح أن المجد لم يتعرف علي
من الجلي أنني أسير بنصف موهبة
( أعرف الكثيرين ممن أحبوا الشعر فلم يحبهم و لم أكن أعرف .. أنني أحدهم )
لم يعد لي من الشعر غير الطنطنة
غير لحن الفقد و ذلك الشئ المنتزع
( أبعد كل تلك القصائد المطولة
يكتب الشاعر خالد الصاوى حروف تذوب فى البكاء ويعربد فى القلق والفكر الحائر وخرائط النفس الصامته فى صدى الأسئلة وزيف الملامح بالغيوم والأحلام المسروقة من أحضان الحقائق أنه يكتب ليعلن أحتفاؤه بين دوائر البكاء حتى تمنحه الصدفه من يقرأ نحيبه وروح قصائده تقول .
أكتب الآن لنفسي ؟!
علي من الأجدر أن أريح و أستريح )
أيها الشعراء الذين عشقتهم
أيها العالم الموازي الرائع
أيها المرض المزمن المقاوم الزمن
أيتها الكائنات جميعا
أنا أختفي
لا أقرأ صوتي فيما كتبت
أكتب الأشياء , و الأشياء صامتة
لا يأبه لي الا قلبي العاجز
و صدي الأسئلة المنصرمة
و زيف الرغبات العابرة
حسنا
و أنا أكتب الآن لنفسي
أحتاج شيئا" واحدا" فقط
أن أبكي بحرية لم أذقها ..
يغفرها من يقرؤني صدفة
و في العشرين من عمره كان حائرا بين جدران الزمن عشرون عاما يستصرخ الأحساس المبعثر فى المفترق تشابهت أحواله وتشتت على شاطىء الحياة والفقد ونفسه ذائقه الحزن معبرة عن خلجات أنفاسها الحيرى والعمر المسلوب فى قلقلة الشجن وكتيبة الرفض التعسفى لأحتضا ن أحلامه وجمع شتاته المقهورة .والسباحه ضد تيار الزمن بين الحيرة وألاوعى والأنزلاق فى متاهات سيكلوجية مرتجفة وأيدلوجية مذبذبة .
عشرين عاما" حائر أنا
مبددة طاقتي .. كإشتعال بئر في الخليج
مبعثرة أحلامي كالكلمات المتقاطعة
مشتت الذهن كمخبول بلا بيت
حزين كحداد لا ينتهي
ينزع الفقد قلبي
كأرمل في شرخ الشباب
مقلقل ليس لي إرتكاز بموضع
كمصباح يضئ و ينطفئ مرارا"
مهتزة أعصابي كإرتجاف الجفون المخدرة
سابح في عالم يلفظني
كأم لا تريد احتضان الرضيع.
يتوحد مع روحه في بئر الوحدة وعمق الهجرة داخل الذات والأحساس بالأغتراب ونبض الفشل يترجمه على جسد الورقة بفلسفته .يتسكع فيها ويتربص للنتيجة .تغمره نشوى التجوال والتجربة .يغامر وهو فى سرداب الحلم ويتمنى أن يخرج ليعانق الحقيقة وينجح فى القرار ويصعد الى مسافات الحلم والوعودوالحرب. يقول الشاعر خالد الصاوى.
المرة الكم هذه المرة ..
أنجح في القرار و أفشل في التجربة ؟
كفيلسوف أعمي
كحمار وحشي
كثور في الحلبة
يخدعه الأحمر المراوغ ..
و يقتله حماسه الغبي
المرة الكم هذه المرة ..
أحلم بالصعود .. أحلم بالعالم
أنكمش في الجير و الحجارة
أتوسل من أسفل للنظارة ..
و الجميع عابرون
المرة الكم هذه المرأة ..
بسحرها الوثني الغامض
بنحتها الحر النابض
بعطرها المجوسي الغريب
بوعدها الذي يقطر من عينيها
بصدرها الحليب؟
المرة الكم هذه المرة ..
أرقد في السرداب
أحلم بالحرب ؟
يؤكد الشاعر بياء التأكيد والوعيد أن هناك أمرأة ما تستحقه للأنه صبغ الدنيا فى عينيهبلون التفاؤل وأعتنق مذهب الثقة وتصور مشاهد الحب المخلص بعيدا عن فجوة المرأة الأخرى المذبذبة التى تفتقد الأدراك والوعى بقيمة المشاركة والتوحد وتعميق فكرة الأهتمام والتواصل وليس التبعية الغافلة.يتمنى أمرأة حرة تؤمن به وبقيمتها ورسالة عطائها وأحتضانها وأحتوائها للحظته. يوارى بكائه الا لها هى فقط ولقدسيتها ومصداقيتها فيمتزج التوحد مع طيبة القلب والعينين والحياة ويتمناها ولو مرة فى حياته تلامس مداد روحة .يقول لها
مؤكد هناك من تستحق حروفي الخافتة
غير تلك المرأة المذبذبة الخائفة
تلك التي تتكئ علي وجودي الجريح
كدجاجة تتبع ديكها الرومي
مؤكد هناك امرأة تستحق هذه الأشياء المقدسة
امرأة طيبة القلب و العينين
امرأة حرة تتوحد بي
دون أن ينفي الواحد منا توأمه
تحب الناس كلهم .. كطبيب في بلاد الطاعون
آمن معها الغفوة و اليقظة و اللحظة المحرمة
و التي في حضنها سوف أبكي بحرقة
و لو لمرة واحدة في حياتي .
من وهج القلق و الخيانة وذاكرته الحسية يعاقب نفسه بالغياب ويستسلم لدعوة المفاجآت والأنسحاب حين تغرب شمس الصدق وتسدل الستائر على قصة حبه.أحساسه باليتم سيحمل لهجة أخرى آمرة لاتحتمل المراوغة .فأحساسة سهم داخلى يستشعر جراحه ومصداقية أمرأته .يحتويه فقر مكشوف على الفقد يمارس ألعاب الغفلة .وتوقظه اللمبه الحمراء داخله كبراس لشفافيته وبصيرته المدركه فيعرف بحسه الحقائق عن ظهر قلب . يقول شاعرنا
سأعرف حين تكلمينه مرة أخري
صدقيني سأعرف
ستومض لحظتها اللمبة الحمراء داخلي ..
في قاعي الدامس السحيق
سأشعر أنهم غافلوني في الجراحة
و انتزعوا كبدي بدل اللوزتين
سأشعر أنني يتيم يأكل ميراث زوج أمه
كأنني شعب فقير خانه الملوك و الملاك ..
و منظمة الأمم المتحدة
عندها سأوقن أنك أتصلت به
و لحظتها ..
أختفي ..
للأبد
إحتاج الشاعر للأمل يوقظه و يراوده ليحقق ثباته يحتاج أن يبنى عليه أحد ستر حجاب وسور أمان ليجد من يحميه ويظهر له أسرار النور لتكون لديه قوة الأستكانة فى أحضان الأمل والنعيم .القصائد مليئة بالوسائل التعبيرية و التركيبية و التصويرية اﻹيقاعية و النداءات و من ثم جاءت هذه الصور الكاشفة من خلال اليقظة و الوعي و تلعب الصور أيضا العديد من أفعال متوازنة متواشجة تغمر المتلقي بمزيد من اﻹحساس بالتوحد مع الكاتب و إدراك مستويات النص حتي عندما يشكو من نزاع قديم أو يعيد ترتيب أوراقه لتستمر أشعة القمر تتسلل خلال الشجر و علي صفحة النهر لقصائده كشمس تزف الدفئ لمرساه حلم و حياة لتصنع ثقب مرور لضوء النهار تفتح جسور الأمل و الحب كلمة شوق تبدأ بعسل الصباح و كلمة فرح ترمم الذات من وقت الي آخر و تعقد إتفاقية صلح مع النفس و الحياة . يقول خالد الأوصاف .
نعم أحتاج إلي ذلك الشئ التافه
كلما استيقظت راودني
كلما مشيت في الشوارع الشجرية
و كلما جلست قبالة النيل العظيم وحدي
و كلما نظرت للسماء في الغروب
فرأيت سربا" من طيور مهاجرة
و كلما رأيت وجها عجوزا له يدان قويتان
 و كلما رأيت طفلا" يعاند كي يسير
و كلما رأيت امرأة حبلي تتساند بصلابة
وزهرة توشك أن تتفتح في ربيعها المخملي
 و كلما رأيت الياسمين يفتح جفنيه للشمس
و الأطفال
و كلما سرت قرب الجامعة
ففارت الذكريات في المسام
و كلما شردت في نافذة الطائرة
و فكرت في بلاد بعيدة لم أزر
و كلما تعرفت توا" لآنسة جميلة
و كلما نقصت كيلوجراما" زائدا"
و كلما أطفأت سيجارة راغبا" في التوقف
 و كلما و كلما ..
نعم أحتاج ذلك الشئ التافه
ذلك الشئ الذي يستحيل حياتي بدونه
ذلك الشئ الذي له اسم مبتذل
ذلك الذي لا اسم له .. سوي الأمل !
و عن معركة الحياة يكتب أناته و يصارع خالد إيقاع الزمن السريع الذي يتحدي مروره و يصر علي أن يكتب أسمه في سجلاته شاعر و ممثل و مخرج و مهارات أخري يحملها خالد في حقيبته و يغلق مغاليقها إلي أن يأتي اليوم المناسب لكل ما فيها رويدا" رويدا" بتأكيد الوعيد و إصرار التواجد و النصر علي عقارب الساعة بالمختصر المفيد و قلب من حديد و يصارح الحياة أنا هنا و لن أتراجع عن قراري بالتميز و النجاح بميزان العمل . و يكتب خالد سيرته الذاتية من خلال أشعاره لطرح أزماته الحياتية و النفسية لينسج مع القارئ و المتلقي تحفة الوصل و نور القبول و التفاعل المنطقي بين الطرح و الفهم و الوعي و الود بمصداقية التفعيل و اﻹحساس و تنمية العلاقة و توطيدها لتكون حريرية اﻹحتضان ذات معرفة حدسية تكون الصلة و القنطرة للقلوب . و في هذا الصدد تقول القصائد
أستطيع أن أعمل الكثير
هذه الحياة التي تريد معركة
سأمنحها هذا الذي تهواه
في ترابها الأسمر أزرع صلبي
و في جوفها العميق أثبت نطفتي
و في هوائها المريض أنفث روحي
أستطيع أن أعمل الكثير
أنثر الفوضي في عواميد الأدب
و أنزع عن الفن قداسته الوهمية
أجعل الأشياء طبيعية و عادية
و أحول جدول الأفكار في اتجاه المحيط
أستطيع أن أفعل الكثير و الكثير
أشعل الشك في التاريخ كله
و أصور البركان الذي نعيش فوقه
أستطيع أن أدمر الجمال المترف الخسيس
و أن أستحدث القبح النبيل
يكتب عن البعد و اللوعة و ينكوي بالفراق .لن يتزوق طعم الحضور بدونها .انه يميل هنا الى الموسيقا الهادئة لاالصاخبة .يتناثر الألم على حروف القوافى وتتكاثر الأشباح وينسج الشتاء سياجه حول المشاعر انها الينبوع والنهر فماذا بعد الفراق يكون .غير المساء الحزين ورثاء الفجر والفرار الى ألا شىء ألامعنى .تنطوى صفحات الحب وتحل محلها الأنفاس المحترقة والغمام والشفق الباكى والروح التائهة فىبحور الشعر المغترب الشاحب بلاسطور ولاكلمات ولاهوية .فالبعد موت مؤقت على قارعة الحياة.
من بعدك لا أكتب الشعر إلا لماما
من بعدك
لا أستطيع القوافي , و لا أستلذ الكلاما
من بعدك ..
صار ما ينطق العاشقون .. نباحا
و كل الذي أنشد الشعراء ظلاما
من بعدك ..
ليس للحزن معني
أبحر الشعر تودي الي الهاوية
كتب بالية
لفظة الحب غامضة
و مشاعره جزر خابية
أيها الحب ! أيتها القارة الخافية !!
من بعدك ..
أصبح الشعر ترفا ..
بل لغة نابية !
لم يعشق شاعرنا الفراغ و لكنه يكتبه و ينتزع منه صورته ليبقي و يستمر فمن أجلها ناطح الرجال وأنحنى وأنكوى بعبوديتها وترنح بين الوحشة والخوف والأستجابة ولكنه بعد الغفوة راح يفكر بعمق ليسترد ذاته ويعود سيد نفسه ليجد نخلة روحه ويسمع صوت رنين سفينته السابقة فيكون.ولكن سحبه حضن الفراغ وأنكسرت صورته أمام ذاته فى مرايا الروح ودفع الثمن.تقول القصيدة
أنا الذي كنت سيد نفسي .. صرت عبدا" لها
ناطحت الرجال و انحنيت للغواني
لثمت من مسامها الحقيقة المرعبة
و قرب الجنين غفوت ورحت أفكر في المبتدا
في البحر .. في اللذة العابرة
في خلود العظام ..
و فناء العضل
في سيمفونية العرق المنهمر
في حضن من فراغ لم أسترح ..
و في مرايا الروح كسرت صورتي
يكتب خالد اﻹهداء ( أكبر أبنائي )
لا يهمني علي اﻹطلاق أن كان كتابي هذا شعرا" أم مجرد كتابة حرة سطرتها علي مدار عشرين عاما" في الظل في خضم معركة عمري كفنان شاب يسعي جاهدا" للوصول لشاطئ مستقر , مكافحا ضد كل المعوقات القاتلة .. حتي عرف الناس اسمي مؤخرا عبر ميدان التمثيل السينمائي أساسا , بالأضافة الي التأليف و اﻹخراج المسرحي قبلها بقليل
و لكن بقي السؤال لدي كل من أقابل , أين كنت يا خالد خلال كل تلك الفترة ؟!
و رغم أني كنت أجيب بهدوء شارحا" مشواري الطويل إلا اني كنت أحس دائما أن المشاعر و الرؤي المتأججة التي صاحبتني خلال تلك الرحلة الشاقة هي التي لم أتمكن أبدا من عرضها علي الناس بشكل مباشر و بسيط رغم أنها كانت زادي و تعذيبي معا ..
 و الحقيقة هي أنني بفضل تلك المشاعر المتناقضة و هذه الكتابة الهامشية إستطعت أن أقبض علي جمرتي و أواصل مشواري بإصرار جنوني رغم اﻹحباطات اليومية الجارحة
أنا ليس لي أولاد إلا جميع ما كتبت و أخرجت و مثلت علي مدار حياتي
هذا الكتاب .. هو أكبر أبنائي .. و أشدهم شبها بي .
 يبدأ الشاعر ديوانه وينهيه بهذا الأهداء عميق القول والتأثير لما يحمله من بحث دائم وشاق وسعى دؤؤب للوصول الى شاطىْ مستقر. وعنوان الديوان أجراس هى ناقوس يدق عالم الحقائق الذى يعشقها ويفتقدها وسط هذا الصخب وألامصداقية وشرور البشر التى تلهث وراء الزيف والمادية المطلقة فالأجراس هى تنبيه بأن قضية خالد الصاوى أن يكون اولايكون تلك هى المشكلة .
وفى نهاية المطاف والسباحة فى بحور خالد الصاوى العميقة والتى تحمل دوامات لانهائية على مدى العمر فأن خالد لديه متعة الأكتشاف واقتراض نكهته الخاصة المختلفة عن الحول .فأنت عندما تقرأ قصائده تعاصر رواية حياتية مليئة بالقضايا والأثارة والشجاعة والخوض فى مصائر وعرة . وهو أيضا  له تاريخ وشكل مسرحى متفرد يمارس به الخيال فى بوتقة الواقع الذى يقبله حينا ويسخر منه أحيانا و من تقلباته ومسوخه وألوانه وأساطيره وتغلغله فى عتمات الفعل والفاعل وصراع الأنسان المفعول به . شاعرنا هو قائد نصوصه وسيناريوهاتها . وهى من صنع فكرة الذى يحمل الوعى الموجه من الذات التى تدرك الحقائق كما هى دون تشويش لعرض الحياه الفانية التى تلهو بالبشر . شاعرنا خالد الأوصاف يخصص مواعيده لمزاوجة شخوص قصائده وواقعه بأتقان وحرفية وللأنه يكره الفشل . فطول الوقت يحمل أسلحته وسلطاته وجيوشه لكى يصوب مصطلحاته ومعارفه وقوانينه على الخوض فى المستحيل لتحقيق الهدف . وأخيرا أتمنى لخالد الصاوى المزيد من الأبداع والأنتصار الذى يأمله أن شاء الله
رؤية نقدية : ايمان أحمد يوسف محمد
عضو أتحاد كتاب